-بسم الله الرحمن الرحيم
روى البخارى أنه قال : " إنكم لتعملون أعمالاً هى أدق فى أعينكم من الشعر كنا نعدُّها على عهد رسول الله من الموبقات "
-من هذا الأثر يتبين لنا مدى خطورة الحال الذى نعيشه هذه الأيام من استصغار الذنوب و عدم المبالاة بما يقترفه كثير من الناس يوميا من الذنوب و الآثام ، فترى بعض الناس يحتقر فى نفسه ذنوبا أصبح الناس للأسف يستسهلونها مع أنها من الكبائر ، بل الفاجعة أن البعض أصبح يتسلى بالوقوع فيها دون شعور بالذنب و تأنيب الضمير ، و لم يعلم بأن أول شروط التوبة هو الندم بل هو آكدها و أهمها فقد قال النبى صلى الله عليه و سلم " الندم توبة " و هذا الأمر يفوت على هؤلاء فرصة عظيمة للاستغفار و التوبة و الإنابة ، و هذه الاستهانة تجعل الإنسان معتادا على اقتراف المعصية دون أن يؤنب ضميره على اقتراف مثل هذا الذنب ، و قد قال الرسول صلى الله عليه و سلم" إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ ، فإن ندم و تاب و استغفر الله منها ألقاها ، و إلا كتبت و احدة " حدبث حسن ، رواه الطبره فيما أعلم.
-فيا معرضا عن حياته الدائمة و نعيمه المقيم ، و يا بائعا سعادته العظمى بالعذاب الأليم ، و يا مسخطا من حياته و راحته و فوزه فى رضاه ، و طالبا رضى من سعادته فى إرضاء سواه ، إنما هى لذة فانية و شهوة منقضية تذهب لذاتها و تبقى تبعاتها ، فرحُ ساعة لا شهر و غمُّ سنة بل دهر .
-أخى مالك لا تفيق من غفلتك ، و تنتهى من نومتك و تصحو من سكرتك ؟ إلى متى الصدود عن طاعة المعبود ؟ و الغفلة عن بحر الموت المورود ؟ فارحم نفسك ، فإن السفر بعيد و الزاد قليل ، فاعمل للموت قبل الفوت .
-الله سبحانه وتعالى أعطاك - و لا يزال يعطيك – نعما لا تعد و لا تحصى .. و إذا كنت عن شكر نعمة ربك عاجزا ، فكيف بك إذا قصرت فيما أمرك أو فرطت فيما كلفك ؟ ، و رُوى عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه قال " يقول الله : يا ابن آدم ، ما أنصفتنى ، أتحبب إليك بالنعم و تتمقت إلىّ بالمعاصى ، خيرى إليك نازل و شرك إلىّ صاعد ، كم من ملَك كريم يصعد إلىّ منك بعمل قبيح " ، أخى قد أصبح بنا من نعم الله تعالى ما لا نحصيه مع كثرة ما نعصيه فلا ندرى أيهما نشكر أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر .
أسأل الله تبارك و تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُـلى أن يقبل توبتنا و أن ينفعنى و جميع المسلمين بهذه الكلمات و يكتب لنا أجرها يوم القيامة يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . وشكرا لكم والله الموفق